إبراهيم بن النبي محمد صلى الله عليه وآله
إبراهيم ابن النبي محمد صلى الله عليه وآله
اسمه ونسبه:
هو إبراهيم بن محمد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي .
والده: رسول الله محمد بن عبدالله ( صلى الله عليه وآله ).
والدته: مارية القبطية. أهداها لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقوقس صاحب الإسكندرية هي وأختها سيرين. فوهب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سيرين لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان، فهو وإبراهيم ابن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ابنا خالة.
مولده و طفولته:
كان مولده في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة؛ وسر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بولادته كثيراً وولِد بالعالية، وكانت قابلته سلمى مولاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوهب له عبداً، وحلق شعر إبراهيم يوم سابعه، وسماه، وتصدق بزنته ورقاً، وأخذوا شعره فدفنوه؛ كذا قال الزبير، ثم دفعه إلى أم سيف: امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف، ترضعه.
وفاته ومدفنه :
توفي ( عليه الصلاة والسلام ) وهو ابن ثمانية عشر شهراً ، وقيل ابن ستة عشر شهراً وثمانية أيام.
وصلى عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقال: ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون، ودفنه بالبقيع.
وعن أنس بن مالك قال : دخلت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله على أبي سيف القين ، وكان ظئراً [1] لإبراهيم عليه السلام ، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقبله ، ويشمّه [2] ، ثمّ دخل عليه بعد ذلك وإبراهيم عليه السلام يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله صلّى الله عليه وآله تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله [3]؟ فقال : « يا ابن عوف ، إنّها رحمة ـ ثمّ أتبعها بأخرى ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ : العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنّا لفراقك ـ يا إبراهيم ـ لمحزونون » [4].
وعن أسماء ابنة زيد قالت : لمّا توفي ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ إبراهيم عليه السلام ـ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله. فقال له المعزي : أنت أحقّ من عظّم الله عزّ وجلّ حقّه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ، لولا أنّه وعد حق وموعود جامع وأنّ الآخر تابع للأوّل ، لوجدنا عليك ـ يا إبراهيم ـ أفضل ممّا وجدناه ، وإنّا بك لمحزونون » [5].
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قال : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله بيد عبد الرحمن بن عوف فأتى إبراهيم وهو يجود بنفسه ، فوضعه في حجره ، فقال له : « يا بني ، إنّي لا أملك لك من الله تعالى شيئاً » وذرفت عيناه ، فقال له عبد الرحمن : يا رسول الله تبكي ، أولم تنه عن البكاء؟ فقال صلّى الله عليه وآله : « إنّما نهيت عن النوح ، عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لعب ولهو ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، خمش وجوه وشق جيوب ورنّة شيطان ، إنّما هذه رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، ولولا أنّه أمر حق ووعد صدق وسبيل نأتيه وأنّ آخرنا سيلحق أوّلنا ، لحزنّا عليك حزناً أشدّ من هذا ، وإنّا بك لمحزونون ، تبكي العين ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب عزّ وجلّ » [6].
وعن أبي امامة قال : جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وآله حين توفي ابنه وعيناه تدمعان ، فقال : يا نبي الله ، تبكي على هذا السخل؟ والذي بعثك بالحق لقد دفنت اثني عشر ولداً في الجاهلية كلّهم أشب منه ، أدسّه في التراب ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : « فماذا ، إن كانت الرحمة ذهبت منك ، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب وإنّا على إبراهيم لمحزونون ».
وعن محمود بن لبيد قال : انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال الناس : انكسفت الشمس لموت إبراهيم ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله حين سمع ذلك فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أمّا بعد ـ أيّها الناس ـ أنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله عزّ وجلّ ، لا ينكسفان لموت أ حد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد » ودمعت عيناه ، فقالوا : يا رسول الله تبكي ، وأنت رسول الله؟ فقال : « إنّما أنا بشر ، تدمع العين ويفجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب ، والله ـ يا إبراهيم ـ إنّا بك لمحزونون » [7].
وعن خالد بن معدان. قال لمّا مات إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وآله بكى ، فقيل : أتبكي يا رسول الله؟ فقال : « ريحانة وهبها الله لي ، وكنت أشمّها ».
وقال صلّى الله عليه وآله يوم مات إبراهيم : « ما كان من حزن في القلب أو في العين فإنّما هو رحمة ، وما كان من حزن باللّسان وباليد فهو من الشيطان » [8].
وروى الزبير بن بكار : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله لمّا خرج بإبراهيم خرج يمشي ، ثمّ جلس على قبره ، ثم دلّي ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وآله قد وضع في القبر دمعت عيناه ، فلمّا رأى الصحابة ذلك بكوا حتى ارتفعت أصواتهم ، فأقبل عليه أبوبكر فقال : يا رسول الله ، تبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : « تدمع العين ويوجع القلب ولا نقول ما يسخط الربّ عزّ وجلّ ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
[1] الظئر : زوج المرضعة. « لسان العرب 4 : 515 ».
[2] في « ح » : ويضمه الى صدره.
[3] في « ح » زيادة : تبكي.
[4] صحيح البخاري 2 : 105.
[5] سنن ابن ماجة 1 : 506/ 1589 ، ومنتخب كنز العمال 6 : 265.
[6] التعازي : 9/ 8 باختلاف يسير ، وروي باختلاف في ألفاظه في سنن الترمذي 2 : 237/ 1011 ، والجامع الكبير 1 : 290 ، وروي نحوه في منتخب كنز العمال 6 : 265 عن عبد بن حميد.
[7] روى نحوه الكليني في الكافي 3 : 208/ 7 عن علي بن عبدالله عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، ورواه باختلاف في ألفاظه عن المغيرة بن شعبة البخاري في صحيحه 2 : 42 و 48 ، ومسلم في صحيحه 2 : 628 و 630.
[8] الجامع الكبير 1 : 709 باختلاف يسير.