الشاعر الإمامي ابن الرومي عليه الرحمة

الشاعر الإمامي ابن الرومي عليه الرحمة

( 221هـ – 283هـ )

 

اسمه ونسبه:

هو أبو الحسن علي بن العباس بن جورجس الرومي مولى عبيد الله بن عيسى العباسي ، المعروف بابن الرومي .

 

ولادته:

وُلِد الشاعر عليه الرحمة في شهر رجب من عام 221هـ ببغداد .

 

من أحواله:

كان ابن الرومي عليه الرحمة أشعر أهل زمانه بعد البحتري وأكثرهم شعراً وأحسنهم أوصافاً وأبلغهم هجاءً وأوسعهم افتناناً في سائر أجناس الشعر وضروبه وقوافيه ، يركب من ذلك ما هو صعب متناولة على غيره ويلزم نفسه ما لا يلزمه ويخلط كلامه بألفاظ منطقية يجعل لها المعاني ثم يفصلها بأحسن وصف وأعذب لفظ ، وهو عند ابن رشيق القيرواني أولى الناس باسم الشاعر لكثرة اختراعه ، وحسن افتنانه . عاش ابن الرومي معاصراً جمهرة طيبة من علماء الدين المعروفين والفلاسفة والأطباء المشهورين والنحويين والأدباء والشعراء الكبار والجغرافيين والمؤرخين الثقات . لم يكن ابن الرومي عربي الأصل ، وإنما كان مستعرباً وكانت العربية لغته شب وشاب بين العرب ونطق بلسانهم وحذق علومهم ، وقد برز ابن الرومي بين شعراء الرثاء المجيدين لأبنائهم أمثال الهذلي والقرشي والخنساء وغيرهم . وقد أجاد في مرثية ابنه الأوسط محمد وهي تُعدُّ من أرق ما فاضت به عواطف والدٍ على ولدٍ عزيز . وقد استهلها مخاطباً عينيه بقوله :

بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي *** فجودا فقد أودى نظيركما عندي

ألا قاتـل الله المنايـا ورميها *** من القوم حبات القلوب على عمد

توخى حمام الموت أوسط صبيتي *** فلله كيف اختار واسطة العقد

طواه الردى عني فأضحى مزاره *** بعيداً على قُربِ قريباً على بُعدِ

 هذا ولم يكن ابن الرومي كما زعم قدامى المؤرخين وكما يقلدهم بعض مؤرخي الأدب المعاصرين ، من أنه ضعيف العقل وأنه حسودٌ حقودٌ ، وأنه بلغ من التطير والتشاؤم ما يصفون ويبالغون . وإنما نعلم أن ابن الرومي كان إنساناً قوي الإحساس بالحياة قوي الحب لها ، قوي الرغبة في الاستمتاع بطيباتها ولكنه لا يستطيع بلوغ ما يشتهى منها ، ثم نعلم أنَّه رجلٌ نال نصيباً وافراً من ألوان المعرفة والثقافة في عصره فقد كان على علمٍ واسعٍ بفقه اللغة ومفرداتها وآدابها وفقه الشريعة والفلسفة وعلوم الرياضة والفلك ، وكان من ذوي الرأي في المذاهب الفلسفية والعقلية المعروفة يومئذ . ثم نعلم أنه إلى سعة علمه وعبقرية ذو فنٍّ شعري رصين . ويكفيه فخراً تشيعه لأهل البيت عليهم السلام الذين كتب في حبهم ولائهم الكثير من أشعاره ، ومنها قوله :

يا هند لم أعشق ومثلي لا يرى *** عشق النساء ديانـةً  وتحرجـا

لكن حـبي للوصـيِّ مُخيمٌ *** في الصدر يسرح في الفؤاد تولجا

فهو السراج المستنـير ومن به *** سببُ النجاةِ من العذابِ لمن نجا

وإذا تركتُ له المحبةَ لم أجِدْ *** يوم القيامة من ذنوبي مَخرجـا

قُل لي أَأَتركُ مُستقيمَ طَرِيقهِ *** جهلاً  وأتَّبِعْ الطريقَ الأعوَجَـا

وأراهُ كالتِّبرِ الـمُصَفَّى جوهراً *** وأرى سِواهُ لِنَاقِدِيـهِ مُبَهْرَجـا

هذا وقد كان ابن الرومي شاعراً للإمام الهادي عليه الصلاة والسلام .

 

وفاته:

توفي ابن الرومي عليه الرحمة في اليوم الثامن والعشرون من شهر جمادى الأولى من عام 283هـ بقرص مسموم من الحلوى أطعمه إياه القاسم بن عبيد الله من آل وهب حين كان هذا وزيراً للمعتضد العباسي لكي يتقي شر هجائه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر/

1- أعيان الشيعة ج8 ص250 – 260 .

2- تأسيس الشيعة ص211 .


أكتب تعليقاً