القاسم ابن الإمام موسى الكاظم عليهما السلام

القاسم ابن الإمام موسى الكاظم عليهما السلام

( القرن الثاني الهجري – 150هـ )

 

اسمه ونسبه عليه السلام:

هو القاسم ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق عليهم السلام .

 

ولادته عليه السلام:

يوجد اختلاف في الروايات الواردة في ذكر تاريخ ولادته عليه السلام ، إلّا أنّه من مواليد القرن الثاني الهجري ، وأُمّه أُمّ ولد ، تُكنّى بأُمّ البنين .

 

مكانته عند أبيه عليهما السلام:

كان الإمام الكاظم عليه السلام يحبّه حبّاً شديداً ، حتى أنه أدخله في وصاياه ، وقال في حقّه لأبي عُمارة: « أُخبرك يا أبا عُمارة أنّي خرجتُ من منزلي فأوصيتُ إلى ابني فلان ـ أي الإمام الرضا ـ وأشركتُ معه بَنِيَّ في الظاهر ، وأوصيته في الباطن ، فأفردته وحده ، ولو كان الأمر إليّ لجعلتُه ـ أي أمر الإمامة ـ في القاسم ابني ؛ لحبّي إيّاه ورأفتي عليه ، ولكنّ ذلك إلى الله عزّ وجل ، يجعله حيث يشاء » .

 

قصة هروبه عليه السلام من السلطة:

وهي كما وردت في كتاب شجرة طوبى كالآتي: « لمّا أشتد غضب الرشيد جعل يقطع الأيدي من أولاد فاطمة ، ويسمل في الأعين ، و بنى في الأسطوانات حتّى شرّدهم في البلدان ، ومن جملتهم القاسم ابن الإمام موسى بن جعفر ، أخذ جانب الشرق لعلمه إن هناك جدّه أمير المؤمنين عليه السلام ، جعل يتمشّى على شاطئ الفرات وإذا هو ببنتين تلعبان في التراب ، إحديهما تقول للأُخرى : لا وحقّ الأمير صاحب بيعة يوم الغدير ما كان الأمر كذا وكذا ، وتعتذر من الأُخرى ، فلمّا رأى عذوبة منطقها قال لها : مَن تعنين بهذا الكلام ؟

قالت: أعني الضارب بالسيفين والطاعن بالرمحين أبا الحسن والحسين عليّ بن أبي طالب عليه السلام . قال لها: يا بُنية ، هل لكِ أن تُرشديني إلى رئيس هذا الحيّ؟

قالت: نعم ، إنّ أبي كبيرهم. فمشت ومشي القاسم خلفها حتّى أتت إلى بيتهم ، فبقي القاسم ثلاثة أيّام بعزّ واحترام ، فلمّا كان اليوم الرابع دنى القاسم من الشيخ وقال له: يا شيخ ، أنا سمعت ممّن سمع من رسول الله أنّ الضيف ثلاثة ، وما زاد على ذلك يأكل صدقة ، وأنّي أكره أن آكل الصدقة ، وأنّي أُريد أن تختار لي عملاً أشتغل فيه لئلّا يكون ما آكله صدقة.

فقال الشيخ: أختر لك عملاً. فقال له القاسم: اجعلني أسقي الماء في مجلسك. فبقي القاسم على هذا إلى إن كانت ذات ليلة خرج الشيخ في نصف الليل في قضاء حاجة له ، فرأى القاسم صافاً قدميه ما بين قائمٍ وقاعد وراكع وساجد، فعظم في نفسه وجعل الله محبّة القاسم في قلب الشيخ ، فلمّا أصبح الصباح جمع عشيرته وقال لهم: أُريد أن أُزوّج ابنتي من هذا العبد الصالح فما تقولون؟

قالوا: نِعم ما رأيت. فزوّجه من ابنته ، فبقي القاسم عندهم مدّة من الزمان حتّى رزقه الله منها ابنة ، وصار لها من العمر ثلاث سنين ، ومرض القاسم مرضاً شديداً حتّى دنى أجله وتصرّمت أيّامه ، جلس الشيخ عند رأسه يسأله عن نسبه وقال: ولدي لعلّك هاشمي؟

قال له: نعم ، أنا ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام . جعل الشيخ يلطم على رأسه وهو يقول: وا حيائي من أبيك موسى بن جعفر.

قال له: لا بأس عليك يا عمّ ، إنّك أكرمتني وإنّك معنا في الجنّة ، يا عمّ ، فإذا أنا متّ فغسّلني وحنّطني وكفّني وأدفنّي ، وإذا صار وقت الموسم حجّ أنت وابنتك وابنتي هذه ، فإذا فرغت من مناسك الحجّ أجعل طريقك على المدينة ، فإذا أتيت المدينة أنزل ابنتي على بابها ، فستدرج وتمشي ، فامش أنت وزوجتي خلفها حتّى تقف على باب دارٍ عالية ، فتلك الدار دارنا ، فتدخل البيت وليس فيها إلّا نساء ، وكلّهن أرامل.

ثمّ قضى نحبه ، فغسّله وحنّطه وكفّنه ودفنه ، فلمّا صار وقت الحجّ حجّ هو وابنته وابنة القاسم ، فلمّا قضوا مناسكهم جعلوا طريقهم على المدينة ، فلمّا وصلوا إلى المدينة أنزلوا البنت عند بابها على الأرض ، فجعلت تدرج والشيخ يمشي خلفها إلى أن وصلت إلى باب الدار ، فدخلت فبقي الشيخ وابنته واقفين خلف الباب ، وخرجن النساء إليها واجتمعن حولها ، وقلن مَن تكونين؟ وابنة مَن؟ فلمّا قلن لها النساء: ابنة مَن تكونين؟ فلم تجبهم إلّا بالبكاء والنحيب ، فعند ذلك خرجت أُمّ القاسم ، فلمّا نظرت إلى شمائلها جعلت تبكي وتنادي: وا ولداه ، وا قاسماه ، والله هذه يتيمة ولدي القاسم ، فقلن لها: من أين تعرفينها إنّها ابنة القاسم؟

قالت: نظرت إلى شمائلها لأنّها تشبه شمائل ولدي القاسم. ثمّ أخبرتهم البنت بوقوف جدّها وأُمّها على الباب ، وقيل: إنّها مرضت لمّا علمت بموت ولدها ، فلم تمكث إلّا ثلاثة أيّام حتّى ماتت » .

 

من أقوال الشعراء فيه عليه السلام:

1- قال الشيخ محمّد عليّ اليعقوبي:

يا سعد دع ذكر الأُولى قد اغضبوا ** أحمد في عترته لما مضى

إلى أن يقول:

فيا بنفسي وبأهلي افتدي ** سليل موسى وأخ المولا الرضا

القاسم الندب الذي في وجهه ** سنا النبيّ والوصيّ قد أضا

ذاك الذي فيه وفي آبائه ** جميع حاجات البرايا تُقتضى

لم أنسه في كلّ حيّ خائفاً ** لم ير إلّا شانئاً ومبغضاً

حتّى قضى ما بين قوم ** ما دروا أنّه ابن فاطم والمرتضى

2- قال أحد الشعراء قصيدة هي الآن منقوشة بالذهب على ضريح القاسم ، تقول بعض أبياتها الأُولى:

إن شئتَ أن تحيا وعيشك ناعمُ ** فاقصد ضريحاً حلّ فيه القاسمُ

فيه تُحلّ المشكلات فقبرهُ ** كالبيت في زوّاره متزاحمُ

تُقضى به الحاجات وهي عويصة ** ويُردّ عنك السوء وهو مهاجم

3- قال السيّد عليّ بن يحيى الحسيني ( من أعلام القرن الحادي عشر ):

أيّها السيّد الذي جاء فيه ** قول صدق ثقاتنا ترويه

بصحيح الإسناد قد جاء حقّاً ** عن أخيه لأُمّه وأبيه

إنّني قد ضمنت جنات عدن ** للذي زارني بلا تمويه

وإذا لم يطق زيارة قبري ** حيث لم يستطع وصولاً إليه

فليزر في العراق قبر أخي ** القاسم وليُحسن الثناء عليه

 

وفاته ومدفنه عليه السلام:

يوجد اختلاف في الروايات الواردة في ذكر تاريخ وفاته عليه السلام و عمره الشريف ، إلّا أنّه تُوفي في أواخر القرن الثاني الهجري ( وقد ذكرت إحدى الروايات أن وفاته في اليوم الثاني والعشرون من شهر جمادى الأولى من عام 150هـ ) ، وقبره معروف يُزار وتعلوه قبة من الذهب ، ويقع في حي باخمرا في ناحية القاسم بين مدينتي الحلّة والديوانية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر/

1- الكافي ج1 ص314 .

2- شجرة طوبى ص171 .

3- البابليات ج1 ص162 .

4- تقويم الشيعة ص202 .

5- الموقع الالكتروني لمركز آل البيت عليهم السلام العالمي للمعلومات .

6- موقع ويكيبيديا .


أكتب تعليقاً