الشاعر الإمامي مهيار الديلمي عليه الرحمة

الشاعر مهيار الديلمي عليه الرحمة

( 367هـ ـ 428هـ )

  

اسمه ونسبه:

هو أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي البغدادي .

 

ولادته:

ولد الشاعر عليه الرحمة في عام 367هـ .

 

من أحواله:

نشأ الشاعر الديلمي في عائلة فارسية مالكة من أشرف عائلات فارس من أولاد أنو شيروان ، ثم سافر إلى مدينة بغداد وسكن فيها واتصل بالشريف الرضي قدس سره والذي كان يوم ذاك حجّة الأدباء والأشراف فأثَّر هذا الاتصال بشخصية مهيار وشاعريته ، ووجد في الشريف الرضي غايته التي ينشدها من خُلق وأدب وعلم وفصاحة وتقوى ، فنهل من منبعه الصافي العلوم والآداب ، والفقه والمحاججة .

 

تشيّعه:

كان مهيار مجوسياً ، ولكن بعد ارتباطه بالسيّد الرضي قدس سره تغيّرت عقيدته من المجوسية إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام وذلك في عام 394هـ ، فهو مسلم في دينه ، علوي في مذهبه ، عربي في أدبه ، لذا نراه يبتهج بسؤدد عائلته ويفتخر بشرف إسلامه وحسن أدبه بقصيدة في ديوانه يقول فيها :

لا تخَالِي نَسَباً يَخفِضنِي *** أَنَا مَن يُرضِيكَ عِندَ النَّسَبِ

قومي استَوَلوا عَلى الدهر فتىً *** وَمَشُوا فَوق رؤوسِ الحُقَبِ

عَمَّمُوا بالشَّمسِ هَامَاتَهُمُ *** وَبَنَو أبياتَهُم بالشَّهَبِ

وَأبي كسرَى عَلَى إِيوَانِهِ *** أَينَ فِي النَّاسِ أَبٌ مثلَ أبِي

سُورةُ المُلك القُدَامَى وَعَلى *** شَرَفِ الإِسلامِ لِي وَالأدَبِ

قَد قبستُ المَجدَ مِن خَيرِ أبٍ *** وقبستُ الدِّين مِن خَيرِ نَبي

وَضَمَمْتُ الفخرَ مِن أطرافِهِ *** سُؤدَد الفُرس وَدِين العَرَبِ

 

أقوال العلماء في شاعريته:

1- قال عنه أبو الحسن الباخرزي في كتاب ( دمية القصر ): ” هو شاعر له مناسك الفضل مشاعر ، وكاتب تجلى كل كلمة من كلماته كاعب وما في قصيدة من قصائده بيت يتحكم عليه يلو وليت ، فهي مصبوبة بقوالب القلوب وبمثلها يعتذر الزمان المذنب عن الذنوب ويتوب ” .

2- قال عنه السيد جواد شبر في كتابه ( أدب الطف ): ” من أشهر الشعراء الذين برزوا في النصف الأخير من القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس الهجري ولعله كان أشهرهم على الإطلاق بعد أستاذه الشريف الرضي ، اشتهر بالكتابة والأدب والفلسفة كما اشتهر بالشعر ، كان ثائر النفس عالي الهمة قوي الشخصية معتزاً بأدبه ونسبه ” .

 

شعره:

يعدُّ في الرعيل الأول من ناشري لغة الضاد ، وموطدي أسسها ، له ديوان ضخم في أربعة أجزاء يطفح بأفانين الشعر وفنونه وضروب التصوير وأنواعه . أما شعره في المذهب فَبَرهَنَةٌ وحِجَاجٌ فلا تجد فيه إلا حجة دامغة ، أو ثناءً صادقاً ، أو تظلماً مفجعاً ، وبالرغم من كونه فارسياً في العنصر فقد قرض الشعر العربي وفاق أقرانه .

 

نماذج من شعره:

1- قال يمدح أهل البيت عليهم السلام:

ألا ســل قريشــا ولِـمْ مِنْهُمُ *** من استوجب اللــوم أو فند

وقل: ما لكم بعد طول الضلال *** لم تشكروا نعمــة المرشـد

أتاكــم على فترة فاستقـام *** بكم جائرين عن المقصــد

وولى حميــدا إلى ربــه *** ومـن سـنَّ ما سـنَّه يحمـُد

وقد جعــل الأمر من بعده *** لحيــدرٍ بالخــبر المسنـدِ

وسـمَّاه مـولَى بـإقرار مـن *** لو اتبع الحــق لم يـجـحد

2- قال في غديريته في فضل أمير المؤمنين عليه السلام :

والصخرة الصماء أخفى تحتهـا *** ماءً وغير يديه لم يَكُ سَاقيــا

وتدبروا خـبر اليهــود بخـيبر *** وارضوا بمرحب وهو خصم قاضيا

هل كان ذاك الحصن يرهب هادما *** أو كان ذاك الباب يفرق داحيـا

3ـ قال في رثاء أهل البيت عليهم السلام :

يــا نـديميّ كـنتما فـافترقنا *** فـاسلواني ، لـكل شـيء زوال

ليَ في الشيب صارف ومن الحزن *** عـلـى «آل أحـمد» إشـغال

مـعشر الـرشد والهدى حَكَم *** البغي عـلـيهم سـفاهةً والـضلال

ودعــاة الله اسـتجابت رجـالُ *** لـهـم ثــم بُـدّلوا فـاستحالوا

حـملوها يـوم «الـسقيفة» أوزارا *** تـخفّ الـجبال وهـي ثقال

إلى ان قال:

يـا لـقومٍ إذ يـقتلون «عـلياً» *** وهــو لـلـمحل فـيهم قـتّال

وتـحـالُ الأخـبار والله يـدري *** كـيف كانت يوم «الغدير» الحال

ولـسـبطين تـابـعَيه فـمسمومٌ *** عـليه ثـرى «الـبقيع» يُهال

درسـوا قـبره لـيخفى عن الزوّارِ *** هيهات ! كيف يخفى الهلال !

وشـهيدٍ «بـالطف» أبكى السمواتِ *** وكـادت لـه تـزول الجبال

يـا غـليلي لـه وقـد حُرّم الماء *** عـليه وهـو الشراب الحلال

قـطعت وصـلة «النبي» بأن *** تقطـع مـن آل بـيته الأوصـال

لـم تـنجّ الـكهولَ سنّ ولا *** الشبـان  زهـد ولا نـجا الأطـفال

لهف نفسي يا آل طه عليكم *** لهفة كسبها جوى وخبال

وقليل لكم ضلوعي تهتز *** مع الوجد أو دموعي تُذال

كان هذا كذا وودي لكم حسب *** ومالي في الدين بعد اتصال

4- قال يرثي الحسين عليه السلام:

«بـآل عـليّ» صـروف الزمان *** بـسطنَ لـساني لـذمّ الصروف

مـصابي عـلى بُـعد داري بهم *** مـصابُ الألـيف بـفقد الأليف

ولـيس صـديقي غـيرَ الحزين *** لـيوم «الحسين» وغير الأسوف

هـو الـغصن كـان كميناً فهبّ *** لـدى «كـربلاء» بريح عصوفِ

قـتيلٌ بـه ثـار غـلّ الـنفوس *** كـما نـغر الـجرح حكّ القروف

 

وفاته:

توفّي الشاعر الديلمي عليه الرحمة في ليلة الأحد الخامس من شهر جمادى الآخرة في عام 428هـ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر/

1- فيض العلام ص280 .

2- الغدير ج4 ص236 – 242 .

3- تأسيس الشيعة ص214 – 215 .

4- أدب الطف ج2 ص234 – 255 .

5- الموقع الالكتروني لمركز آل البيت عليهم السلام العالمي للمعلومات .


أكتب تعليقاً