ميثم بن يحيى التمار رضوان الله عليه

الصحابي الجليل ميثم بن يحيى التمار رضوان الله عليه

 

اسمه ونسبه:

هو أبو سالم ؛ مِيثَم بن يحيى التمّار الأسدي النَّهرواني الكوفي ، كان يبيع التمر فلُقّب بـالتمّار . مولى أمير المؤمنين عليه السلام وخاصّته وحواريّه ، وقد أطْلَعَه عليه السّلام على علمٍ كثيرٍ وأسرارٍ .

 

ولادته:

ولد رضوان الله عليه بمدينة النهروان بالعراق .

 

حياته:

كان مِيثَم عبداً لامرأة مِن بني أسد فاشتراه أمير المؤمنين عليه السّلام منها فأعتقه فقال : ما اسمُك ؟ قال : سالم ، فقال عليه السّلام : أخبَرَني رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ اسمك الذي سمّاك به أبوك في العجم ميثم . قال : صدَقَ اللهُ ورسوله وصدق أمير المؤمنين واللهِ إنّه لاَسمي قال : فارجِعْ إلى اسمك الذي سمّاك به رسول الله صلّى الله عليه وآله ودَعْ سالماً . فرجع إلى اسم ميثم .

دخل ميثم التمّار وهو يريد الحجّ على أمّ المؤمنين أمّ سلمة فقالت له : طالما سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يذكرك في جوف الليل ويُوصي بك عليّاً عليه السّلام .

وكان أمير المؤمنين عليه السّلام يخرج من الجامع بالكوفة فيجلس عند مِيثم التمّار فيُحادثه ، فقال له ذاتَ يوم : ألا أُبشّرك يا ميثم ؟ فقال : بماذا يا أمير المؤمنين قال : بأنّك تموت مصلوباً ، فقال : يا مولاي وأنا على فطرة الإسلام قال : نعم . ثمّ قال عليه السّلام : يا ميثم تريد أُريك الموضعَ الذي تُصلَب فيه والنخلة التي تُعلَّق عليها وعلى جذعتها ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . فجاء به إلى رحبة الصَّيارفة وقال له هاهنا ثمّ أراه نخلة ، فقال له : على جذع هذه . فما زال ميثم يتعاهد تلك النخلة ويصلّي عندها ويقول لبعض جيران الموضع : إنّي أريد أن أُجاورك عن قريب فأحسِنْ جواري . فيقول ذلك الرجل في نفسه : يريد ميثم أن يشتريَ داراً في جواري ولا يعلم ما يريده ميثم بقوله .

 

ميثم وأمير المؤمنين عليه السلام:

كان ميثم أحد الأشخاص الذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام .

لازم ميثم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام منذ ذلك اليوم ملازمة الظل صاحبه ويحذو خلفه حذو الفصيل أثر أمه ، واكتسب من علومه ومعارفه ما لم يكتسبه إلا القلة من حواري الإمام عليه السلام على الرغم من قصر المدة حتى وصل إلى درجات عالية من السمو والكمال والفضيلة نظرا لما يتمتع به من الاستعداد الفطري ، والنبوغ العقلي ، وسعة الأفق ، ونفاسة المعدن . كان الإمام عليه السلام يصطحب ميثم عندما يخرج في جوف الليل إلى الصحراء في الخلوة والتهجد والمناجاة ، وقد اكتسب من هذه المصاحبة الكثير من العلوم والمعارف بالإضافة إلى ثقة الإمام عليه السلام بمواهبه وقابلياته وإخلاصه ، حتى أطلعه على أسرار عظيمة من مكنون العلوم ، والمعارف ، كما أطلعه على ” علم الآجال ، وعلم البلايا والمنايا ، حتى أصبح صاحب سره ” ، وكان الإمام عليه السلام قد علم نخبة من أجلاء أصحابه وحواريه هذا العلم ، منهم : عمار بن ياسر ، وحبيب بن مظاهر الأسدي ، ورشيد الهجري ، وكميل بن زياد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، ومحمد بن أبي بكر ، وأويس القرني ، وكان ميثم من هؤلاء الصفوة من المؤمنين الأخيار ، وإن دل على شيء فإنما يدل على مكانة هذه الصفوة ، ذلك لأن الإمام عليه السلام ما كان يصطحب أحدا في ساعات خلوته بربه ، للمناجاة والتهجد والعبادة إلا القلة الذين امتحن الله قلوبهم ممن كانوا يتحملون فعلا صحبته والتعرف على أسراره ، وهم الذين كانوا يتمتعون بإيمان راسخ ويقين صادق وروح عالية .

 

ميثم يرى الخضر عليه السلام:

يقول الأصبغ بن نباتة : كان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي عند الأسطوانة السابعة من باب الفيل مما يلي الصحن ، إذ أقبل رجل عليه بردان خضراوان ، وله عقيصتان سوداوان ، أبيض اللون ، فسلم وأكب على أمير المؤمنين يقبل رأسه ، ثم أخذ بيده وخرج من باب كندة ، فخرجنا خلفهما مسرعين ، فاستقبلنا أمير المؤمنين عليه السلام راجعاً ، فقال : ما لكم ؟ فأخبرناه خوفنا عليه ، فقال هذا أخي الخضر عليه السلام إنه قال لي حين أكب علي إنك في مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله وخرجت معه أشيعه .

وجاء الخضر عليه السلام مرة أخرى فإذا ميثم التمار يصلي إلى تلك الأسطوانة فقال : يا صاحب سر علي اقرأ صاحب الدار السلام ” يعني علياً عليه السلام ” وأعلمه أني بدأت به فوجدته نائما .

 

من أقوال العلماء في حقه:

1- قال عنه التفرشي في كتابه نقد الرجال: (( … صاحب أمير المؤمنين عليه السلام واختصاصه بأمير المؤمنين عليه السلام أشهر من أن يذكر )) .

2- قال عنه الطهراني في كتابه الذريعة: (( … من خواص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام )) .

3- قال عنه الأمين في كتابه أعيان الشيعة: (( خطيب الشيعة بالكوفة ومتكلمهم ، تابعي … )) .

4- قال عنه الريشهري في كتابه موسوعة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: (( … جليل من أصحاب أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين عليهم السلام . كان عبدا لامرأة فاشتراه علي عليه السلام وأعتقه ، نال منزلة رفيعة من العلم بفضل باب العلم النبوي حتى وصف بأنه أوتي علم المنايا والبلايا )) .

5- قال عنه الشاهرودي في كتابه مستدرك سفينة البحار: (( … من خواص أصحاب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، صاحب أسراره وما لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان )) .

6- قال عنه الغفار في كتابه الكليني والكافي: (( حواري أمير المؤمنين عليه السلام ، ولسان التشيع في زمن معاوية ومن بعده … )) .

7- قال عنه السيد الجلالي في كتابه تدوين السنة الشريفة: (( … صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ، من أعاظم الشهداء على التشيع )) .

8- قال عنه البصري في كتابه فائق المقال في الحديث والرجال: (( … وكان جليل القدر من خواص أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين ، واختصاصه أشهر من أن يذكر شيء منه )) .

 

من مؤلفاته:

* كتاب في التفسير .

* كتاب في الحديث .

 

شهادته:

استشهد رضوان الله عليه في اليوم الثاني والعشرون من شهر ذو الحجة الحرام من عام 60هـ ، حيث صُلِب بالكوفة بأمر من ابن زياد .

وقصة استشهاده هي أن ميثم رضوان الله عليه خرج إلى مكّة فأرسل ابن زياد إلى عريف قوم ميثم فطلبه منه فأخبره أنّه بمكّة فقال له : لئن لم تأتني به لأقتلنّك فخرج العريف إلى القادسيّة ينتظر ميثماً . فلمّا قَدِم ميثم ، قال له ابن زياد : أنت ميثم ؟ قال : نعم أنا ميثم قال : تبرّأْ من عليّ بن أبي طالب ، فقال له : فإنْ أنا لم أفعل ؟ قال : إذاً واللهِ لأقتلنّك ، فقال له ميثم : أمَا لقد كان يقول أمير المؤمنين عليه السّلام أنّك ستقتُلني وتصلبني على باب عمرو بن حُريث ، فأمرَ به ابن زياد فصُلِب على باب عمرو بن حريث .

فاجتمع سبعة من التمارين وتواعدوا على إنزاله من خشبة الصلب ودفنه ليلا ، بعد أن أبى ابن زياد دفنه . فجاءوا إليه ليلا والحرس حوله ، وقد أوقدوا النار فحالت بينهم وبين الحرس ، فاحتملوه بخشبة حتى انتهى به إلى فيض من ماء في مراد فدفنوه فيه ، ورموا الخشبة بعيدا ، فلما أصبحوا بعث ابن زياد الخيل فلم يجد شيئا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر/

1- مستدرك سفينة البحار ج5 ص214 ، ج9 ص329 – 332 .

2- تقويم الشيعة ص455-457 .

3- نقد الرجال ج4 ص445 .

4- قاموس الرجال ج10 ص310 – 317 .

5- رجال ابن داود ص194 – 195 .

6- الذريعة ج4 ص317 .

7- أعيان الشيعة ج1 ص125 ، ج10 ص198 .

8- موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ج12 ص317 – 322 .

9- الأعلام من الصحابة والتابعين ج6 ص78 – 108 .

10- الكليني والكافي ، للغفار ص28 .

11- الأعلام ج7 ص336 .

12- تدوين السنة الشريفة ، للجلالي ص242 – 243 .

13- فائق المقال في الحديث والرجال ص165 .

14- خصائص الأئمة ، للشريف الرضي ص54 – 56 .


أكتب تعليقاً