السيد محمد بن الإمام الهادي عليهما السلام
السيد محمد بن الإمام الهادي عليهما السلام
اسمه ونسبه وكنيته:
هو السيد محمد بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله تعالى عليهم .
وهو أكبر أبناء الإمام الهادي وهو شقيق الإمام العسكري عليهم السلام وأمهما السيدة سوسن أو سليل .
يُكنى أبا جعفر وأبا علي ، ويُلقب بالبعاج ، وبسبع الدجيل ؛ وسبب التسمية هي لأنّ العرب الذين يسكنون في الدجيل كانوا يلتجئون إليه في الليل ؛ لأنّ قطّاع الطرق لا يجسرون عليه.
ولادته:
ولد في قرية صريا من ضواحي المدينة المنورة تبعد عنها ثلاثة أميال سنة 228 للهجرة تقريباً .
أخلاقه ومكانته:
كان السيد الجليل على درجةٍ عاليةٍ من الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة والحكمة العالية ، ولا ريب في ذلك فهو من بيتٍ كان موضعَ الرسالة ومختلَفَ الملائكة ، ومن سلالةٍ أذهَب الله عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً.
وبما أن السيد كان أكبر أولاد الإمام الهادي عليه السلام ، فقد كان كثير من الشيعة يظنون أنّه الإمام مِن بعد أبيه الهادي سلام الله عليه ، ولكن موته في حياة أبيه أوضح أنّ الإمام من بعده هو العسكري عليه السلام .
إنّ الإمامة إن عدتك فلم *** تكن تعدوك كلا رفعةً ومقاما
يكفي مقامك أنّه في رتبةٍ *** لولا (البدا) لأخيك كنت إماما
مجيئه إلى ” سُرّ مَن رأى “:
ترك الإمام الهادي عليه السلام السيد محمد طفلاً في المدينة المنوّرة عندما أشخصه المتوكل العباسي إلى مدينة سامراء وفرض عليه الإقامة الجبرية ، ولمّا كبر السيّد محمّد ورد إلى سُرّ مَن رأى لزيارة أهله الذين أشخصهم المتوكّل العبّاسيّ إلى هناك . فمكث السيّد محمّد في سامراء مدّة ملازماً لأخيه الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام لا يفارقه ، حتّى أنّهما كانا يدخلانِ على أبيهما الإمام الهادي عليه السّلام معاً ، لعلاقتهما الروحيّة الوثيقة.
وكان الإمام الهادي عليه السّلام يُكنّ لولده السيّد محمّد محبّةً خاصةً واحتراماً فائقاً وعناية ملحوظة، وقد وُصف رضوان الله عليه بأنّه كان نبيلَ المقام ، جميل الفضائل ، معروفاً بجلالة قَدْره ، ونُبل شأنه . وعندما عزم السيد على الرجوع إلى الحجاز ، مرض وتوفي في طريقه بمنطقة يقال لها بلد .
من أقوال الشعراء في حقه:
1- قال السيّد أحمد الهندي ( ت 1392هـ ) يرثيه:
فلمّا قضى وارتجّتِ الأرضُ بالأسى *** عليه.. وبات الـرُّزْءُ يُمسي ويُصبحُ
بكـاه أخـوه العـسـكريُّ كـآبـةً *** بدمعٍ لـه غُـرُّ الـمـلائك تمسـحُ
فقيدٌ كسـاه حادثُ المـوتِ رَونقـاً *** كشمس السَّـنا عند الأصائل تَجنـحُ
وشِيل إلـى المثـوى يُشـيّعه الهدى *** بحيث لـه الأمـلاك باكـونَ نُـوَّحُ
2- قال الشيخ محمّد علي اليعقوبي ( ت 1385هـ ) يعظّمه:
وضريحُ قُـدْسٍ هيـبةً لجـلالِهِ *** يعنو الضِّراحُ وهـامةُ الجوزاءِ
تأتي ملوكُ الأرضِ خاضعةً له *** وتَؤُمُّـه أمـلاكُ كـلِّ سمـاءِ
نجل الإمام، أخو الإمام، محمّدٌ *** عمُّ الإمـام ، بقـيّـةُ الأُمَنـاءِ
3- قال الشيخ محمّد حسين الإصفهاني ( ت 1361هـ ) في أرجوزته:
أخلاقُـه الغُـرُّ محمّـديّه *** وكلُّ مَكْـرُمـاتـهِ عَلِـيّه
بل هُوَ فـي ولايةِ الإرشادِ *** إلى الهدى سِرُّ أبيه الهادي
وبابُـه مختلَفُ الأمـلاكِ *** مُعتَكَفُ العُبّـادِ والنُّسّـاكِ
فاز بأرقـى رُتَبِ الكرامه *** بكل معناهـا سوى الإمامه
وفـي فِنـائهِ دواءُ الـداءِ *** وغايةُ المـأمولِ والرجاءِ
حِصنٌ منيعٌ للورى جِوارُه *** يـا حَبّذا جِوارُهُ وجـارُه!
4- قال السيّد ميرزا مهدي الشيرازي ( ت 1380هـ ) يمدحه:
سيّدٌ مِن بني الكـرامِ كريـمٌ *** ولـه عنصرٌ بـه اللهُ بـاهى
يَمَّمتْهُ الوفـودُ مِن كلِّ وجـهٍ *** فـانثَنَتْ عنه بعد نَيلِ مُناهـا
لم يَزَل موكبُ الحوائج يَترى *** يَتـوالى إليـه.. لا يَتنـاهى
لم تُنَـخْ حاجُـها هنـالك إلاّ *** قُضيتْ قبل أن تَحلَّ عُـراها
يأمنُ الوفـدُ حولَـه كلَّ هَولٍ *** فتـرى في عِراصهِ مأواهـا
وفاته:
بعد أن عزم السيّد محمّد بن الإمام الهادي عليهما السّلام على الرجوع إلى المدينة المنوّرة ، مرض وهو في طريق عودته مرضاً شديداً وتوفي في بلدة ” بلد ” وهي تبعد عن مدينة سامراء ستة فراسخ ، وكان ذلك في اليوم التاسع والعشرون من شهر جمادى الآخرة من عام 252هـ ، وقيل إن سبب وفاته هي أن السلطات العباسية قد دست له السم لأنها كانت تظن أنه سيكون الإمام من بعد أبيه لأنه أكبر أبنائه ولما حظي به من الكمال والجلال وكان عمره لم يتجاوز الرابعة والعشرين عند وفاته .
وقد حضر أبوه الإمام الهادي عليه السّلام مراسم تغسيله ، وتجهيزه والصلاة عليه ، ودفنِه . وله عليه السلام في بلدة ” بلد ” مزار مؤلف من قبة وصحن وغرف عديدة يزوره المؤمنون وقد شوهدت منه كرامات كثيرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنظر/
1- أعيان الشيعة 10/5 .
2- تقويم الشيعة ص226-227 .
3- موقع مركز آل البيت عليهم السلام العالمي للمعلومات .
4- موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام الالكتروني .